٤٨ - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار

 

١ - باب الحث على ذكر الله تعالى
٢ - (٢٦٧٥) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ (واللفظ لقتيبة). قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي. وأنا معه حين يذكرني. إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي. وإن ذكرني في ملإ، ذكرته في ملإ هم خير منهم. وإن تقرب مني شبرا، تقربت إليه ذرعا. وإن تقرب إلي ذراعا، تقربت منه باعا. وإن أتاني يمشي، أتيته هرولة».



(أنا عند ظن عبدي بي) قال القاضي: قيل معناه بالغفران له إذا استغفر، والقبول إذا تاب، والإجابة إذا دعا، والكفاية إذا طلب الكفاية. وقيل: المراد به الرجاء وتأميل العفو. وهذا أصح. (وإن تقرب مني شبرا) هذا الحديث من أحاديث الصفات. ويستحيل إرادة ظاهره. وقد سبق الكلام في أحاديث الصفات مرات. ومعناه من تقرب إلي بطاعتي تقربت إليه برحمتي والتوفيق والإعانة. وإن زاد زدت. فإن أتاني يمشي وأسرع في طاعتي أتيته هرولة، أي صببت عليه الرحمة وسبقته بها، ولم أحوجه إلى المشي الكثير في الوصول إلى المقصود. والمراد أن جزاءه يكون تضعيفه على حسب تقربه.

٢ - م - (٢٦٧٥) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، بهذا الإسناد. ولم يذكر «وإن تقرب إلي ذراعا، تقربت منه باعا».

٣ - (٢٦٧٥) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ. قَالَ: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا:
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إن الله

٢٠٦٢
قال: إذا تلقاني عبدي بشبر، تلقيته بذراع. وإذا تلقاني بذراع، تلقيته بباع. وإذا تلقاني بباع، جئته أتيته بأسرع».


(جئته أتيته) هكذا هو في أكثر النسخ: جئته أتيته. وفي بعضها جئته بأسرع، فقط. وفي بعضها: أتيته. وهاتان ظاهرتان. والأول صحيح أيضا. والجمع بينهما للتوكيد، وهو حسن، لا سيما عند اختلاف اللفظ.

٤ - (٢٦٧٦) حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ الْعَيْشِيُّ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ (يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ). حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قال:
كان رسول الله ﷺ يسير في طريق مكة. فمر على جبل يقال له جمدان. فقال «سيروا. هذا جمدان. سبق المفردون» قالوا: وما المفردون؟ يا رسول الله! قال «الذاكرون الله كثيرا، والذاكرات».


(المفردون) هكذا في الرواية فيه: المفردون. وهكذا نقله القاضي عن متقني شيوخهم. وذكر غيره أنه روي بتخفيفها وإسكان الفاء. يقال: فرد الرجل وفرد؛ بالتشديد والتخفيف، وأفرد. (والذاكرات) التقدير: والذاكراته. فحذفت الهاء هنا، كما حذفت في القرآن، لمناسبة رؤوس الآي. ولأنه مفعول يجوز حذفه.

٢ - باب في أسماء الله تعالى، وفضل من أحصاها
٥ - (٢٦٧٧) حدثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ. جَمِيعًا عَنِ سفيان (وَاللَّفْظُ لِعَمْرٍو). حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عن الأعرج، عن أبي هريرة،
عن النبي ﷺ، قال «لله تسعة وتسعون اسما. من حفظها دخل الجنة. وإن الله وتر يحب الوتر». وفي الرواية ابن أبي عمر «من أحصاها».


(وإن الله وتر يحب الوتر) الوتر الفرد. ومعناه في حق الله تعالى، الواحد الذي لا شريك له ولا نظير. ومعنى يحب الوتر، تفضيل الوتر في الأعمال وكثير من الطاعات. فجعل الصلاة خمسا، والطهارة ثلاثا ثلاثا، والطواف سبعا، والسعي سبعا، ورمي الجمار سبعا، وأيام التشريق ثلاثا؛ والاستنجاء ثلاثا، وكذا الأكفان. وفي الزكاة خمسة أوسق وخمس أواق من الورق، ونصاب الإبل وغير ذلك. وجعل كثيرا من عظيم مخلوقاته وترا. منها السموات والأرضون والبحار وأيام الأسبوع، وغير ذلك. (من أحصاها) معناه حفظها. وهذا هو الأظهر. لأنه جاء مفسرا في الرواية الأخرى: من حفظها. وقيل: أحصاها عدها في الدعاء بها. وقيل: أطاقها، أي أحسن المراعاة لها والمحافظة على ما تقتضيه وصدق بمعانيها. والصحيح الأول.

٦ - (٢٦٧٧) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. حدثنا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أبي هريرة. وعن هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ «إِنَّ لله تسعة وتسعين اسما. مائة إلا واحد. من أحصاها دخل الجنة».
وزاد هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ «إنه وتر. يحب الوتر».

٣ - باب العزم بالدعاء، ولا يقل إن شئت
٧ - (٢٦٧٨) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بن حرب. جميعا عن ابن علية. قال أبو بكر: حدثنا إسماعيل بن عُلَيَّةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إذا دعا أحدكم فليعزم في الدعاء. ولا يقل: اللهم! إن شئت فأعطني. فإن الله لا مستكره له».


(فليعزم) قال العلماء: عزم المسئلة الشدة في طلبها، والجزم من غير ضعف في الطلب ولا تعليق على مشيئة ونحوها. ومعنى الحديث استحباب الجزم في الطلب وكراهة التعليق على المشيئة.

٨ - (٢٦٧٩) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل (يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ) عَنِ العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة؛
أن رسول الله ﷺ قال «إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم! اغفر لي إن شئت. ولكن ليعزم المسألة. وليعظم الرغبة. فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه».

٩ - (٢٦٧٩) حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ. حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عياض. حدثنا الحارث (وهو ابن عبد الرحمن بن أبي ذباب) عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ «لا يقولن أحدكم: اللهم! اغفر لي إن شئت. اللهم! ارحمني إن شئت. ليعزم في الدعاء. فإن الله صانع ما شاء، لا مكره له».

٤ - باب تمني كراهة الموت، لضر نزل به
١٠ - (٢٦٨٠) حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل (يَعْنِي ابْنَ علية) عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
قَالَ رسول الله ﷺ «لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به. فإن كان لابد متمنيا فليقل: اللهم! أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي».


(لا يتمنين أحدكم الموت) فيه التصريح بكراهة تمني الموت، لضر نزل به من مرض أو فاقة أو محنة من عدو، أو نحو ذلك من مشاق الدنيا.

١٠ - م - (٢٦٨٠) حدثنا ابن أبي خلف. حدثنا روح. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَفَّانُ. حَدَّثَنَا حماد (يعني ابن سلمة). كلاهما عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بِمِثْلِهِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ «من ضر أصابه».

١١ - (٢٦٨٠) حدثني حَامِدُ بْنُ عُمَرَ. حدثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ. حدثنا عاصم عن النضر بن أنس، وأنس يومئذ حي. قال أنس:
لولا إن رسول الله ﷺ قال «لا يتمنين أحدكم الموت» لتمنيته.


(وأنس يومئذ حي) معناه أن النضر حدث به في حياة أبيه.

١٢ - (٢٦٨١) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا عبد الله بن إدريس عَنْ إِسْمَاعِيل بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ بن أبي حازم. قال:
دخلنا على خباب وقد اكتوى سبع كيات في بطنه. فقال: لو ما إن رسول الله ﷺ نهانا أن ندعو بالموت، لدعوت به.

١٢ - م - (٢٦٨١) حدثناه إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا سفيان بن عيينة وجرير بن عبد الحميد وَوَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ ويحيى بن حبيب. قالا: حدثنا معتمر. ح وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. كُلُّهُمْ عن إسماعيل، بهذا الإسناد.

١٣ - (٢٦٨٢) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ. قَالَ: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول اللَّهِ ﷺ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا:
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لا يتمنى أحدكم الموت، ولا يدع به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله. وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا».

٥ - باب من أحب لقاء الله، أحب الله لقاءه. ومن كره لقاء الله، كره الله لقاءه
١٤ - (٢٦٨٣) حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ. حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. حَدَّثَنَا قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَادَةَ بن الصامت؛
أن نبي الله ﷺ قال «من أحب لقاء الله، أحب الله لقاءه. ومن كره لقاء الله، كره الله لقاءه».

١٤ - م - (٢٦٨٣) وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن قَتَادَةَ. قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ عن عبادة بن الصامت، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. مِثْلَهُ.

١٥ - (٢٦٨٤) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرُّزِّيُّ. حَدَّثَنَا خالد بن الحارث الهجيمي. حدثنا سعيد عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «من أحب لقاء الله، أحب الله لقاءه. ومن كره لقاء الله، كره الله لقاءه» فقلت: يا نبي الله! أكراهية الموت؟ فكلنا نكره الموت. فقال «ليس كذلك. ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته،

٢٠٦٦
أحب لقاء الله، فأحب الله لقاءه. وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه، كره لقاء الله، وكره الله لقاءه».


(كره الله لقاءه) هذا الحديث يفسر آخره أوله. ويبين المراد بباقي الأحاديث المطلقة: من أحب لقاء الله، ومن كره لقاء الله. ومعنى الحديث أن الكراهة المعتبرة هي التي تكون عند النزع في حالة لا تقبل توبته ولا غيرها. فحينئذ يبشر كل إنسان بما هو صائر إليه وما أعد له ويكشف له عن ذلك. فأهل السعادة يحبون الموت ولقاء الله لينتقلوا إلى ما أعد لهم، ويحب الله لقاءهم، أي فيجزل لهم العطاء والكرامة. وأهل الشقاوة يكرهون لقاءه، لما علموا من سوء ما ينتقلون إليه، ويكره الله لقاءهم، أي يبعدهم عن رحمته وكرامته، ولا يريد ذلك بهم. وهذا معنى كراهته سبحانه لقاءهم.

١٥ - م - (٢٦٨٤) حدثناه محمد بن بشار. حدثنا محمد بن بكر. حدثنا سعيد عن قتادة، بهذا الإسناد.

١٦ - (٢٦٨٤) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا علي بن مسهر عن زكرياء، عن الشعبي، عن شريح بن هانئ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «من أحب لقاء الله، أحب الله لقاءه. ومن كره لقاء الله، كره الله لقاءه. والموت قبل لقاء الله».

١٦ - م - (٢٦٨٤) حدثناه إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا عيسى بن يونس. حدثنا زكرياء عن عامر. حدثني شريح بن هانئ؛ أن عائشة أخبرته؛ إن رسول الله ﷺ قال. بمثله.

١٧ - (٢٦٨٥) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الأَشْعَثِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْثَرٌ عن مطرف، عن عامر، عن شريح بن هانئ، عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله ﷺ «من أحب لقاء الله، أحب الله لقاءه. ومن كره لقاء الله، كره الله لقاءه» قال فأتيت عائشة فقلت: يا أم المؤمنين! سمعت أبا هريرة يذكر عن رسول الله ﷺ حديثا. إن كان كذلك فقد هلكنا. فقالت: إن الهالك من هلك بقول رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وَمَا ذاك؟ قال: قال رسول الله ﷺ «من أحب لقاء الله، أحب الله لقاءه. ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه» وليس منا أحد إلا وهو يكره الموت. فقالت: قد قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وليس بالذي تذهب إليه. ولكن إذا شخص البصر، وحشرج الصدر، واقشعر الجلد، وتشنجت الأصابع. فعند ذلك، من أحب لقاء الله، أحب الله لقاءه. ومن كره لقاء الله، كره الله لقاءه.


(شخص) الشخوص معناه ارتفاع الأجفان إلى فوق، وتحديد النظر. (وحشرج) الحشرجة هي تردد النفس في الصدور. (واقشعر) اقشعرار الجلد قيام شعره. (وتشنجت) تشنج الأصابع تقبضها.

١٧ - م - (٢٦٨٥) وحدثناه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي. أخبرني جرير عن مطرف. بهذا الإسناد. نحو حديث عبثر.

١٨ - (٢٦٨٦) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو عامر الأَشْعَرِيُّ وَأَبُو كُرَيْبٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال «من أحب لقاء الله، أحب الله لقاءه. ومن كره لقاء الله، كره الله لقاءه».

٦ - باب فضل الذكر والدعاء، والتقرب إلى الله تعالى
١٩ - (٢٦٧٥) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ. حَدَّثَنَا وَكِيعٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنُ الأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
قَالَ رسول الله ﷺ «أن الله يقول: أنا عن ظن عبدي بي. وأنا معه إذا دعاني».

٢٠ - (٢٦٧٥) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ بْنِ عُثْمَانَ الْعَبْدِيُّ. حدثنا يحيى (يعني ابن سعيد) وابن أبي عدي عن سليمان (وهو التيمي)، عن أنس بن مالك، عن أبي هريرة،
عن النبي ﷺ قَالَ «قَالَ اللَّهُ عز وجل: إذا تقرب عبدي مني شبرا، تقربت منه ذراعا. وإذا تقرب مني ذراعا، تقربت منه باعا. - أو بوعا -. وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة».


(باعا) الباع والبوع والبوع كله بمعنى. وهو طول ذراعي الإنسان وعضديه وعرض صدره. وهو قدر أربع أذرع وهذا حقيقة اللفظ. والمراد بها، في هذا الحديث، المجاز.

٢٠ - م - (٢٦٧٥) حدثنا محمد بن الأعلى القيسي. حدثنا معتمر عن أبيه. بهذا الإسناد. ولم يذكر «إذا أتاني يمشي، أتيته هرولة».

٢١ - (٢٦٧٥) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كُرَيْبٍ (وَاللَّفْظُ لِأَبِي كُرَيْبٍ). قَالَا: حَدَّثَنَا

٢٠٦٨
أَبُو معاوية عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله ﷺ «يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: أنا عند ظن عبدي. وأنا معه حين يذكرني. فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي. وإن ذكرني في ملإ، ذكرته في ملإ خير منه. وإن اقترب إلي شبرا، تقربت إليه ذراعا. وإن اقترب إلي ذراعا، اقتربت إليه باعا. وإن أتاني يمشي، أتيته هرولة».

٢٢ - (٢٦٨٧) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد. ومن جاء بالسيئة، فجزاؤه سيئة مثلها. أو أغفر. ومن تقرب مني شبرا، تقربت منه ذراعا. ومن تقرب مني ذراعا، تقربت منه باعا. ومن أتاني يمشي، أتيته هرولة. ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئا، لقيته بمثلها مغفرة».
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ. حَدَّثَنَا وكيع. بهذا الحديث.


(فله عشر أمثالها وأزيد) معناه أن التضعيف بعشرة أمثالها لابد منه بفضل الله ورحمته ووعده الذي لا يخلف. والزيادة، بعد، بكثرة التضعيف إلى سبعمائة ضعف وإلى أضعاف كثيرة، يحصل لبعض الناس دون بعض على حسب مشيئته سبحانه وتعالى. (بقراب الأرض) هو بضم القاف على المشهور، وهو ما يقارب ملأها. وحكى كسر القاف. نقله القاضي وغيره.

٢٢ - م - (٢٦٨٧) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عنِ الأعمش. بهذا الإسناد. نحوه. غير أنه قال «فله عشر أمثالها أو أزيد».

٧ - باب كراهة الدعاء بتعجيل العقوبة في الدنيا
٢٣ - (٢٦٨٨) حَدَّثَنَا أَبُو الْخَطَّابِ، زِيَادُ بْنُ يَحْيَى الْحَسَّانِيُّ. حدثنا محمد بن أبي عدي عن حميد، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عاد رجلا من المسلمين قد خفت فصار مثل الفرخ.

٢٠٦٩
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه؟» قال: نعم. كنت أقول: اللهم! ما كنت معاقبي به في الآخرة، فعجله لي في الدنيا. فقال رسول الله ﷺ «سبحان الله! لا تطيقه - أو لا تستطيعه - أفلا قلت: اللهم! آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار؟» قال، فدعا الله له. فشفاه.


(مثل الفرخ) أي ضعف. (في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة) أظهر الأقوال في تفسير الحسنة في الدنيا، أنها العبادة والعافية. وفي الآخرة، الجنة والمغفرة.

٢٣ - م - (٢٦٨٨) حدثناه عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ التَّيْمِيُّ. حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحارث. حدثنا حميد. بهذا الإسناد. إلى قوله «وقنا عذاب النار» ولم يذكر الزيادة.

٢٤ - (٢٦٨٨) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَفَّانُ. حَدَّثَنَا حَمَّادٌ. أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ؛
أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ دخل على رجل من أصحابه يعوده. وقد صار كالفرخ. بمعنى حديث حميد. غير أنه قال «لا طاقة لك بعذاب الله» ولم يذكر: فدعا الله له. فشفاه.

٢٤ - م - (٢٦٨٨) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَا: حدثنا سالم بن نوح العطار عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أنس، عن النبي ﷺ، بهذا الحديث.

٨ - باب فضل مجالس الذكر
٢٥ - (٢٦٨٩) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ. حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ، عن أبي هريرة،
عن النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ «إِنَّ لله تبارك وتعالى ملائكة سيارة. فضلا.

٢٠٧٠
يتبعون مجالس الذكر. فإذا وجدوا مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم. وحف بعضهم بعضا بأجنحتهم. حتى يملؤا ما بينهم وبين السماء الدنيا. فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء. قال فيسألهم الله عز وجل، وهو أعلم بهم: من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عباد لك في الأرض، يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك. قال: وماذا يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنتك. قال: وهل رأوا جنتي؟ قالوا: لا. أي رب! قال: فكيف لو رأوا جنتي؟ قالوا: ويستجيرونك. قال: ومم يستجيرونني؟ قالوا: من نارك. يا رب! قال: وهل رأوا ناري؟ قالوا: لا. قال: فكيف لو رأوا ناري؟ قالوا: ويستغفرونك. قال فيقول: قد غفرت لهم. فأعطيتهم ما سألوا وأجرتهم مما استجاروا. قال فيقولون: رب! فيهم فلان. عبد خطاء. إنما مر فجلس معهم. قال فيقول: وله غفرت. هم القوم لا يشقى بهم جليسهم».


(سيارة) معناه: سياحون في الأرض. (فضلا) ضبطوه على أوجه. أرجحها وأشهرها في بلادنا: فضلا. والثانية فضلا ورجحها بعضهم وادعى أنها أكثر وأصوب. والثالثة: فضلا. قال القاضي: هكذا الرواية عند جمهور شيوخنا في البخاري ومسلم. والرابعة: فضل على أنه خبر مبتدأ محذوف. والخامسة: فضلاء، جمع فاضل. قال العلماء: معناه، على جميع الروايات، أنهم ملائكة زائدون على الحفظة وغيرهم من المرتبين مع الخلائق. فهؤلاء السيارة لا وظيفة لهم، وإنما مقصودهم حلق الذكر. (يتبعون) أي يتتبعون، من التتبع، وهو البحث عن الشيء والتفتيش. والوجه الثاني: يبتغون، من الابتغاء، وهو الطلب. وكلاهما صحيح. (وحف) هكذا هو في كثير من نسخ بلادنا. حف. وفي بعضها: حض، أي حث على الحضور والاستماع. وحكى القاضي عن بعض رواتهم: وحط. واختاره القاضي. قال: ومعناه أشار إلى بعض بالنزول. ويؤيد هذه الرواية قوله بعده، في البخاري: هلموا إلى حاجتكم. ويؤيد الرواية الأولى، وهي حف، قوله في البخاري: يحفونهم بأجنحتهم ويحدقون بهم ويستديرون حولهم. (ويستجيرونك من نارك) أي يطلبون الأمان منها. (خطاء) أي كثير الخطايا.

٩ - باب فضل الدعاء باللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار
٢٦ - (٢٦٩٠) حدثني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل (يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ) عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ (وَهُوَ ابْنُ صُهَيْبٍ) قال:
سأل قتادة أنسا: أي دعوة كان يدعو بها النبي ﷺ أكثر؟ قال: كان أكثر دعوة يدعو بها يقول «اللهم! آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار».
قال وكان أنس، إذا أراد أن يدعو بدعوة، دعا بها. فإذا أراد أن يدعو بدعاء، دعا بها فيه.

٢٧ - (٢٦٩٠) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حدثنا شعبة عن ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يقول «ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار».

١٠ - باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء
٢٨ - (٢٦٩١) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أبي هريرة؛
أن رسول الله ﷺ قال «من قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ على كل شيء قدير، في يوم، مائة مرة. كانت له عدل عشر رقاب. وكتبت له مائة حسنة. ومحيت عنه مائة سيئة. وكانت له حرزا من الشيطان، يومه ذلك، حتى يمسي. ولم يأت أحد أفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك. ومن قال: سبحان الله وبحمده، في يوم، مائة مرة، حطت خطاياه. ولو كانت مثل زبد البحر».

٢٩ - (٢٦٩٢) حدثني مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأُمَوِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ العزيز بن المختار عن سهيل، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هريرة، قال:
قال رسول الله ﷺ «من قال، حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده، مائة مرة، لم يأت أحد، يوم القيامة، بأفضل مما جاء به. إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه».


(سبحان الله) معنى التسبيح التنزيه عما يليق به سبحانه وتعالى من الشريك والولد والصاحبة، والنقائص مطلقا، وسمات الحدوث مطلقا.

٣٠ - (٢٦٩٣) حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَبُو أَيُّوبَ الْغَيْلَانِيُّ. حدثنا أبو عامر (يعني العقدي). حدثنا عمر (وهو ابن أبي زائدة) عَنْ أَبِي إِسْحَاق، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ؛ قال:
من قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ على كل شيء قدير، عشر مرات. كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل.

٢٠٧٢
وقال سليمان: حدثنا أبو عامر. حدثنا عمر. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ عَنْ الشعبي، عن ربيع بن خثيم. بمثل ذلك. قال فقلت للربيع: ممن سمعته؟ قال: من عمرو بن ميمون. قال فأتيت عمرو بن ميمون فقلت: ممن سمعته؟ قال: من ابن أبي ليلى. قال فأتيت ابن أبي ليلى فقلت: ممن سمعته؟ قال: من أبي أيوب الأنصاري. يحدثه عن رسول الله ﷺ.

٣١ - (٢٦٩٤) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وزهير بن حرب وأبو كريب ومحمد بن طريف البجلي. قالوا: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قال رسول الله ﷺ «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن. سبحان الله وبحمده. سبحان الله العظيم».

٣٢ - (٢٦٩٥) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قال رسول الله ﷺ «لأن أقول: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا الله والله أكبر، أحب إلي مما طلعت عليه الشمس».

٣٣ - (٢٦٩٦) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا علي بن مسهر وابن نمير عن موسى الجهني. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نمير (واللفظ له). حدثنا أبي. حدثنا موسى الجهني عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فقال: علمني كلاما أقوله. قال «قل: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له، الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا سبحان الله رب العالمين، لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم» قال: فهؤلاء لربي. فما لي؟ قال «قل: اللهم! اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني».
قال موسى: أما عافني، فأنا أتوهم وما أدري. ولم يذكر ابن أبي شيبة في حديثه قول موسى.


(الله أكبر كبيرا) منصوب بفعل محذوف، أي كبرت كبيرا أو ذكرت كبيرا.

٣٤ - (٢٦٩٧) حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ (يعني ابن زياد). حدثنا أبو مالك الأشجعي عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يعلم من أسلم يقول «اللهم! اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني».

٣٥ - (٢٦٩٧) حدثنا سعيد بن أزهر الواسطي. حدثنا أبو معاوية. حدثنا أبو مالك الأشجعي عن أبيه. قال:
كان الرجل إذا أسلم علمه النبي ﷺ الصلاة. ثم أمره أن يدعو بهؤلاء الكلمات «اللهم! اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني».

٣٦ - (٢٦٩٧) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هارون. أخبرنا أبو مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ؛
أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ، وأتاه رجل فقال: يا رسول الله! كيف أقول حين أسأل ربي؟ قال «قل: اللهم! اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني» ويجمع أصابعه إلا الإبهام «فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك».

٣٧ - (٢٦٩٨) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا مروان وعلي بن مسهر عن موسى الجهني. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نمير (واللفظ له). حدثنا أبي. حدثنا موسى الجهني عن مصعب بن سعد. حدثني أبي قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فقال «أيعجز أحدكم أن يكسب، كل يوم، ألف حسنة؟» فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال «يسبح مائة تسبيحة، فيكتب له ألف حسنة. أو يحط عنه ألف خطيئة».


(أو يحط عنه) هكذا هو في عامة نسخ صحيح مسلم: أو يحط. وفي بعضها: يحط. وقال الحميدي، في الجمع بين الصحيحين: كذا هو في كتاب مسلم: أو يحط. وقال البرقاني: ورواه شعبة وأبو عوانة ويحيى القطان عن يحيى، الذي رواه مسلم من جهته، فقالوا: ويحط.

١١ - باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، وعلى الذكر
٣٨ - (٢٦٩٩) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ - وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى - (قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الْآخَرَانِ: حدثنا) أبو معاوية عن الأعمش، عن أبي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة. ومن ستر مسلما، ستره الله في الدنيا والآخرة. والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما، سهل الله له به طريقا إلى الجنة. وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده. ومن بطأ به عمله، لم يسرع به نسبه».


(ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه) معناه: من كان عمله ناقصا لم يلحقه بمرتبة أصحاب الأعمال، فينبغي أن لا يتكل على شرف النسب وفضيلة الآباء، ويقصر في العمل.

٣٨ - م - (٢٦٩٩) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حدثنا أبي. ح وحدثناه نصر بن علي الجهضمي. حدثنا أبو أسامة. قالا: حدثنا الأعمش. حدثنا ابن نمير عن أبي صالح. وفي حديث أبي أسامة: حدثنا أبو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. بِمِثْلِ حَدِيثِ أبي معاوية. غير أن حديث أبي أسامة ليس فيه ذكر التيسير على المعسر.

٣٩ - (٢٧٠٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. سَمِعْتُ أبا إسحاق يحدث عن الأغر، أبي مسلم؛ أنه قال: أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد الخدري أنهما شهدا على النَّبِيِّ ﷺ؛
أَنَّهُ قَالَ «لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده».

٣٩ - م - (٢٧٠٠) وحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ. حدثنا شعبة، في هذا الإسناد، نحوه.

٤٠ - (٢٧٠١) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا مرحوم بن عبد العزيز عن أبي نعامة السعدي، عن أبي عثمان، عن أبي سعيد الخدري، قال:
خرج معاوية على حلقة في المسجد. فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله. قال: آلله! ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: والله! ما أجلسنا إلا ذاك. قال: أما إني أستحلفكم تهمة لكم. وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله ﷺ أقل عنه حديثا مني. وأن رسول الله ﷺ خرج على حلقة من أصحابه. فقال «ما أجلسكم؟» قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام، ومن به علينا. قال «آلله! ما أجلسكم إلا ذاك؟» قالوا: والله! ما أجلسنا إلا ذاك. قال «أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم. ولكنه أتاني جبريل فأخبرني؛ أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة».


(تهمة) بفتح الهاء وإسكانها. وهي فعلة وفعلة، من الوهم. والتاء بدل من الواو. واتهمته به، أي ظننت به ذلك. (يباهي بكم الملائكة) معناه: يظهر فضلكم لهم، ويريهم حسن عملكم، ويثني عليكم عندهم. وأصل البهاء الحسن والجمال. وفلان يباهي بماله وأهله، أي يفخر ويتجمل بهم على غيرهم، ويظهر حسنهم.

١٢ - باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه
٤١ - (٢٧٠٢) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وأبو الربيع العتكي. جميعا عَنْ حَمَّادٍ. قَالَ يَحْيَي: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زيد عن ثابت، عن أبي بردة، عن الأغر المزني، وكانت له صحبة؛
إن رسول الله ﷺ قال «إنه ليغان على قلبي. وإني لأستغفر الله، في اليوم، مائة مرة».


(ليغان) قال أهل اللغة: الغين والغيم بمعنى واحد. والمراد، هنا، ما يتغشى القلب. قال القاضي: قيل المراد الفترات والغفلات عن الذكر الذي شأنه الدوام عليه. فإذا افتر عنه أو غفل، عد ذلك ذنبا، واستغفر منه.

٤٢ - (٢٧٠٢) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا غندر عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي بردة. قال: سمعت الأغر، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، يحدث ابْنِ عُمَرَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ

٢٠٧٦
«يا أيها الناس! توبوا إلى الله. فإني أتوب، في اليوم، إليه مائة مرة».


(توبوا إلى الله) هذا الأمر بالتوبة موافق لقوله تعالى: وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون. وقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا. قال العلماء: للتوبة ثلاث شروط. أن يقلع عن المعصية، وأن يندم على فعلها، وأن يعزم عزما جازما أن لا يعود إلى مثلها أبدا. فإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فلها شرط رابع، وهو رد الظلامة إلى صاحبها أو تحصيل البراءة منه. والتوبة أهم قواعد الإسلام، وهي أول مقامات سالكي طريق الآخرة.

٤٢ - م - (٢٧٠٢) حدثناه عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وحدثنا ابن المثنى. حدثنا أبو داود وعبد الرحمن بن مهدي. كلهم عَنْ شُعْبَةَ، فِي هَذَا الْإِسْنَادِ.

٤٣ - (٢٧٠٣) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ (يَعْنِي سُلَيْمَانَ بْنَ حَيَّانَ). ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. ح وحَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. حَدَّثَنَا حَفْصٌ (يَعْنِي ابْنَ غِيَاثٍ). كُلُّهُمْ عن هشام. ح وحدثني أبو خيثمة، زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قال رسول الله ﷺ «من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها، تاب الله عليه».


(تاب الله عليه) أي قبل توبته ورضي بها.

١٣ - باب استحباب خفض الصوت بالذكر
٤٤ - (٢٧٠٤) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا محمد بن فضيل وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عن أبي موسى. قَالَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ في سفر. فجعل الناس يجهرون بالتكبير. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «يَا أيها الناس! اربعوا على أنفسكم. إنكم ليس تدعون أصم ولا غائبا. إنكم تدعون سميعا قريبا. وهو معكم» قال وأنا خلفه، وأنا أقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. فقال «يا عبد الله بن قيس! ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟» فقلت: بلى. يا رسول الله! قال

٢٠٧٧
«قل: لا حول ولا قوة إلا بالله».


(اربعوا) معناه: ارفقوا بأنفسكم واخفضوا أصواتكم، فإن رفع الصوت إنما يفعله الإنسان لبعد من يخاطبه، ليسمعه. وأنتم تدعون الله تعالى، وليس هو بأصم ولا غائب، بل هو سميع قريب.

٤٤ - م - (٢٧٠٤) حدثنا ابن نمير وإسحاق بن إبراهيم وأبو سعيد الأشج. جميعا عن حفص بن غياث، عن عاصم، بهذا الإسناد، نحوه.

٤٥ - (٢٧٠٤) حدثنا أبو كامل، فضيل بن حسين. حدثنا يزيد (يعني ابن زُرَيْعٍ). حَدَّثَنَا التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أبي موسى؛
أنهم كانوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وهم يصعدون في ثنية. قال فجعل رجل، كلما علا ثنية، نادى: لا إله إلا الله والله أكبر. قال فقال نبي الله ﷺ «إنكم لا تنادون أصم ولا غائبا» قال فقال «يَا أَبَا مُوسَى! أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بن قيس! ألا أدلك على كلمة من كنز الجنة؟» قلت: ما هي؟ يا رسول الله! قَالَ «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ».


(لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة) قال العلماء: سبب ذلك أنها كلمة استسلام وتفويض إلى الله تعالى، واعتراف بالإذعان له وأنه لا صانع غيره، ولا راد لأمره، وأن العبد لا يملك شيئا من الأمر. ومعنى الكنز، هنا، أنه ثواب مدخر في الجنة، وهو ثواب نفيس. كما أن الكنز أنفس أموالكم. قال أهل اللغة: الحول الحركة والحيلة أي لا حركة ولا استطاعة ولا حيلة إلا بمشيئة الله تعالى. وقيل: معناه: لا حول في دفع شر، ولا قوة في تحصيل خير إلا بالله. قال أهل اللغة: ويعبر عن هذه الكلمة بالحوقلة والحولقة. وبالأول جزم الأزهري والجمهور، وبالثاني جزم الجوهري.

٤٥ - م - (٢٧٠٤) وحدثناه مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى. حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ عَنْ أبيه. حدثنا أبو عثمان عن أبي موسى. قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فذكر نحوه.

٤٥ - م ٢ - (٢٧٠٤) حدثنا خلف بن هشام وَأَبُو الرَّبِيعِ. قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أبي عثمان، عن أبي موسى. قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ في سفر. فذكر نحو حديث عاصم.

٤٦ - (٢٧٠٤) وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ. حَدَّثَنَا خالد الحذاء عن أبي عثمان، عن أبي موسى. قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في غزاة. فذكر الحديث. وقال فيه «والذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلة أحدكم». وليس في حديثه ذكر لا حول ولا قوة إلا بالله.

٤٧ - (٢٧٠٤) حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ. حدثنا عثمان (وهو ابن غياث). حدثنا أبو عثمان عن أبي موسى الأشعري. قَالَ:
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «ألا أدلك على كلمة من كنوز الجنة - أو قال - على كنز من كنوز الجنة؟» فقلت: بلى. فقال «لا حول ولا قوة إلا بالله».

٤٨ - (٢٧٠٥) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وحدثنا محمد بن رمح. أخبرنا الليث عن يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عن عبد الله بن عمرو، عن أبي بكر؛
أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: علمني دعاء أدعو به في صلاتي. قال «قل: اللهم! إني ظلمت نفسي ظلما كبيرا - وقال قتيبة: كثيرا - ولا يغفر الذنوب إلا أنت. فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم».

٤٨ - م - (٢٧٠٥) وحَدَّثَنِيهِ أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي رَجُلٌ سَمَّاهُ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عن يزيد بن أبي حبيب، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاص يقول:
إن أبا بكر الصديق قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: علمني، يا رسول الله! دعاء أدعو به في صلاتي وفي بيتي. ثم ذكر بمثل حديث الليث. غير أنه قال «ظلما كثيرا».

١٤ - باب التعوذ من شر الفتن، وَغَيْرِهَا
٤٩ - (٥٨٩) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ (وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ) قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة؛
أن رسول الله ﷺ كان يدعو بهؤلاء الدعوات «اللهم! فإني أعوذ بك من فتنة النار، وعذاب النار، وفتنة القبر، وعذاب القبر، ومن شر فتنة الغنى، ومن شر فتنة الفقر. وأعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال. اللهم! اغسل خطاياي بماء الثلج

٢٠٧٩
والبرد. ونق قلبي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنَ الدنس. وباعد بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ والمغرب. اللهم! فإني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم والمغرم».


(من شر فتنة الغنى ومن شر فتنة الفقر) لأنهما حالتان تخشى الفتنة فيهما بالتسخط وقلة الصبر، والوقوع في حرام أو شبهة للحاجة. ويخاف، في الغنى، من الأشر والبطر والبخل بحقوق المال، أو إنفاقه في إسراف، أو في باطل، أو في مفاخر. (الكسل) هو عدم انبعاث النفس للخير وقلة الرغبة، مع إمكانه. (الهرم) المراد به الاستعاذة من الرد إلى أرذل العمر. وسبب ذلك ما فيه من الخرف واختلال العقل والحواس والضبط والفهم، وتشويه بعض النظر، والعجز عن كثير من الطاعات والتساهل في بعضها. (المغرم) أما استعاذته ﷺ من المغرم، وهو الدين، فقد فسره ﷺ في الأحاديث السابقة؛ أن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف. ولأنه قد يمطل المدين صاحب الدين، ولأنه قد يشتغل به قلبه. وربما مات قبل وفائه فبقيت ذمته مرتهنة به.

٤٩ - م - (٥٨٩) وحدثناه أبو كريب. حدثنا أبو معاوية ووكيع عن هشام، بهذا الإسناد.

١٥ - باب التعوذ من العجز والكسل وغيره
٥٠ - (٢٧٠٦) حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ أَيُّوبَ. حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ. قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ. حَدَّثَنَا أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يقول «اللهم! إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والهرم، والبخل. وأعوذ بك من عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات».


(العجز) عدم القدرة على الخير، وقيل هو ترك ما يجب فعله والتسويف به. وكلاهما تستحب الإعاذة منه. (والجبن والبخل) أما استعاذته ﷺ من الجبن والبخل فلما فيهما من التقصير عن أداء الواجبات والقيام بحقوق الله تعالى وإزالته المنكر، والإغلاظ على العصاة. ولأنه بشجاعة النفس وقوتها المعتدلة، تتم العبادات، ويقوم بنصر المظلوم والجهاد. وبالسلامة من البخل يقوم بحقوق المال، وينبعث للإنفاق والجود ولمكارم الأخلاق. ويمتنع من الطمع فيما ليس له.

٥٠ - م - (٢٧٠٦) وحدثنا أبو كامل. حدثنا يزيد بن زريع. ح وحدثنا محمد بن عبد الأعلى. حدثنا معتمر. كلاهما عن التيمي، عن أنس عن النبي ﷺ. بمثله. غير أن يزيد ليس في حديثه قوله «ومن فتنة المحيا والممات».

٥١ - (٢٧٠٦) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ مبارك عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أنه تعوذ من أشياء ذكرها. والبخل.

٥٢ - (٢٧٠٦) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِيُّ. حدثنا بَهْزٌ بن أسد العمي. حدثنا هارون الأعور. حدثنا شعيب بن الحبحاب عَنْ أَنَسٍ. قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يدعو بهؤلاء الدعوات «اللهم! إني أعوذ بك من البخل والكسل وأرذل العمر. وعذاب القبر. وفتنة المحيا والممات».

١٦ - باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره
٥٣ - (٢٧٠٧) حدثني عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا سفيان بن عيينة. حدثني سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
أن النبي ﷺ كان يتعوذ من سوء القضاء، ومن درك الشقاء، ومن شماتة الأعداء، ومن جهد البلاء.
قال عمرو في حديثه: قال سفيان: أشك أني زدت واحدة منها.


(سوء القضاء) يدخل فيه سوء القضاء في الدين والدنيا والبدن والمال والأهل. وقد يكون ذلك في الخاتمة. (درك الشقاء) المشهور فيه فتح الراء. وحكى القاضي وغيره أن بعض رواة مسلم رواه بإسكانها. وهي لغة. ودرك الشقاء يكون في أمور الآخرة والدنيا. ومعناه أعوذ بك أن يدركني شقاء. (شماتة الأعداء) هي فرح العدو ببلية تنزل بعدوه. يقال منه: شمت يشمت فهو شامت. وأشمته غيره. (جهد البلاء) روى عن ابن عمر أنه فسره بقلة المال وكثرة العيال. وقال غيره: هي الحال الشاقة.

٥٤ - (٢٧٠٨) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ). أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عن الحارث بن يعقوب؛ أن يعقوب بن عبد الله حدثه؛ أنه سمع بسر بن سعيد يقول: سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: سمعت خولة بنت حكيم السلمية تَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول «من نزل منزلا ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر

٢٠٨١
ما خلق، لم يضره شئ، حتى يرتحل من منزله ذلك».


(بكلمات الله التامات) قيل: معناه الكاملات التي لا يدخل فيها نقص ولا عيب. وقيل: النافعة الشافية. وقيل: المراد بالكلمات، هنا، القرآن.

٥٥ - (٢٧٠٨) وحدثنا هارون بن معروف وأبو الطاهر. كلاهما عن ابن وهب (واللفظ لهارون) حدثنا عبد الله بن وهب قال: وأخبرنا عمرو (وهو ابن الحارث)؛ أن يزيد بن أبي حبيب والحارث بن يعقوب حدثاه عن يعقوب بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سعد بن أبي وقاص، عن خولة بنت حليم السلمية؛
أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول «إذا نزل أحدكم منزلا فليقل: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. فإنه لا يضره شيء حتى يرتحل منه».

٥٥ - (٢٧٠٩) قال يعقوب: وقال القعقاع بن حكيم عَنْ ذَكْوَانَ، أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّهُ قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فقال: يا رسول الله! ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة. قال «أما لو قلت، حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم تضرك».

٥٥ - م - (٢٧٠٩) وحدثني عيسى بن حماد المصري. أخبرني اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ جعفر، عن يعقوب؛ أنه ذكر له؛ أن أبا صالح، مولى غطفان أَخْبَرَهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رجل: يا رسول الله! لدغتني عقرب. بمثل حديث ابن وهب.

١٧ - باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع
٥٦ - (٢٧١٠) حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إِبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظُ لِعُثْمَانَ - (قَالَ إِسْحَاق: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا) جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سعد بن عبيدة. حدثني الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ؛
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال «إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة. ثم اضطجع على شقك الأيمن.

٢٠٨٢
ثم قل: اللهم! إني أسلمت وجهي إليك. وفوضت أمري إليك. وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك. لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك. آمنت بكتابك الذي أنزلت. وبنبيك الذي أرسلت. واجعلهن من آخر كلامك. فإن مت من ليلتك، مت وأنت على الفطرة».
قال فرددتهن لأستذكرهن فقلت: آمنت برسولك الذي أرسلت. قال «قل: آمنت بنبيك الذي أرسلت».


(إذا أخذت مضجعك) معناه إذا أردت النوم في مضجعك. (أسلمت وجهي إليك. وفي الرواية الأخرى أسلمت نفسي إليك) أي استسلمت وجعلت نفسي منقادة لك طائعة لحكمك. قال العلماء: الوجه والنفس، هنا، بمعنى الذات كلها. يقال: سلم وأسلم واستسلم بمعنى. (ألجأت ظهري إليك) أي توكلت عليك واعتمدتك في أمري كله، كما يعتمد الإنسان بظهره إلى ما يسنده. (رغبة ورهبة) أي طمعا في ثوابك وخوفا من عذابك. (الفطرة) أي الإسلام.

٥٦ - م - (٢٧١٠) وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حدثنا عبد الله (يعني ابن إدريس) قال: سمعت حصينا عن سعد بن عبيدة، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، بِهَذَا الْحَدِيثِ. غَيْرَ أَنَّ منصورا أتم حديثا. وزاد في حديث حصين «وإن أصبح أصاب خيرا».

٥٧ - (٢٧١٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ. حدثنا شعبة. ح وحدثنا ابن بشار. حدثنا عبد الرحمن وأبو داود. قالا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ. قَالَ: سمعت سعد بن عبيدة يحدث عن الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ؛
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أمر رجلا، إذا أخذ مضجعه من الليل، أن يقول «اللهم! أسلمت نفسي إليك. ووجهت وجهي إليك. وألجأت ظهري إليك. وفوضت أمري إليك. رغبة ورهبة إليك. لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك. آمنت بكتابك الذي أنزلت. وبرسولك الذي أرسلت. فإن مات مات على الفطرة» ولم يذكر ابن بشار في حديثه: من الليل.

٥٨ - (٢٧١٠) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يحيى. أخبرنا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاق، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ،

٢٠٨٣
قَالَ:
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ لرجل «يا فلان! إذا أويت إلى فراشك» بمثل حديث عمرو بن مرة. غير أنه قال «وبنبيك الذي أرسلت. فإن مت من ليلتك، مت على الفطرة. وإن أصبحت، أصبت خيرا».


(أويت إلى فراشك) أي انضممت إليه ودخلت فيه.

٥٨ - م - (٢٧١٠) حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إسحاق؛ أنه سمع البراء بن عازب يقول: أمر رسول الله ﷺ رجلا. بمثله. ولم يذكر «وإن أصبحت أصبت خيرا».

٥٩ - (٢٧١١) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السفر، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن البراء؛
أن النبي ﷺ كان، إذا أخذ مضجعه، قال «اللهم! باسمك أحيا وباسمك أموت». وإذا استيقظ قال «الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا، وإليه النشور».


(باسمك أحيا وباسمك أموت) قيل معناه: بذكر اسمك أحيا ما حييت وعليه أموت. وقيل معناه: بك أحيا. أي أنت تحييني وأنت تميتني. والاسم، هنا، هو المسمى. (بعدما أماتنا وإليه النشور) المراد بأماتنا النوم. وأما النشور فهو الإحياء للبعث يوم القيامة.

٦٠ - (٢٧١٢) حدثنا عقبة بن مكرم العمي وأبو بكر بن نافع. قالا: حدثنا غندر. حدثنا شعبة عن خالد. قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ يُحَدِّثُ عن عبد الله بن عمر؛
أنه أمر رجلا، إذا أخذ مضجعه، قال «اللهم! خلقت نفسي وأنت توفاها. لك مماتها ومحياها. إن أحييتها فاحفظها، وإن أمتها فاغفر لها. اللهم! إني أسألك العافية» فقال له رجل: أسمعت هذا من عمر؟ فقال: من خير من عمر، من رسول الله ﷺ.
قال ابن نافع في روايته: عن عبد الله بن الحارث. ولم يذكر: سمعت.

٦١ - (٢٧١٣) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سهيل. قال:
كان أبو صالح يأمرنا، إذا أراد أحدنا أن ينام، أن يضطجع على شقه الأيمن. ثم يقول «اللهم! رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم. ربنا ورب كل شئ. فالق الحب والنوى. ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان. أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته. اللهم! أنت الأول فليس قبلك شئ. وأنت الآخر فليس بعدك شئ. وأنت الظاهر فليس فوقك شئ. وأنت الباطن فليس دونك شئ. اقض عنا الدين وأغننا من الفقر». وكان يروى ذلك عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ.


(شر كل شيء أنت آخذ بناصيته) أي من شر كل شيء من المخلوقات، لأنها كلها في سلطانه، وهو آخذ بنواصيها. (اقض عنا الدين) يحتمل أن المراد بالدين، هنا، حقوق الله تعالى وحقوق العباد كلها، من جميع الأنواع.

٦٢ - (٢٧١٣) وحَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ الْوَاسِطِيُّ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يعني الطحان) عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قال:
كان رسول الله ﷺ يأمرنا، إذا أخذنا مضجعنا، أن نقول. بمثل حديث جرير. وقال «من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها».

٦٣ - (٢٧١٣) وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. ح وحدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حدثنا ابن أبي عبيدة. حَدَّثَنَا أَبِي. كِلَاهُمَا عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أبي هريرة. قال:
أتت فاطمة النبي ﷺ تسأله خادما. فقال لها «قولي: اللهم! رب السماوات السبع» بمثل حديث سهيل عن أبيه.

٦٤ - (٢٧١٤) وحدثنا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ. حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عياض. حدثنا عبيد الله. حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ، عن أبي هريرة؛
أن رسول الله ﷺ قال «إذا أوى أحدكم إلى فراشه، فليأخذ داخلة إزاره، فلينفض بها فراشه، وليسم الله. فإنه لا يعلم ما خلفه بعده على فراشه. فإذا أراد أن يضطجع، فليضطجع على شقه الأيمن. وليقل: سبحانك اللهم!

٢٠٨٥
ربي بك وضعت جنبي. وبك أرفعه. إن أمسكت نفسي، فاغفر لها. وإن أرسلتها، فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين».


(فليأخذ داخلة إزاره) داخلة الإزار طرفه.

٦٤ - م - (٢٧١٤) وحدثنا أَبُو كُرَيْبٍ. حدثنا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بن عمر، بهذا الإسناد. وقال «ثم ليقل: باسمك ربي وضعت جنبي. فإن أحييت نفسي، فارحمها».

٦٤ - (٢٧١٥) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كان إذا أوى إلى فراشه قال «الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا، وكفانا وآوانا. فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي».


(فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي) أي لا راحم ولا عاطف عليه. وقيل معناه: لا وطن له ولا سكن يأوي إليه.

١٨ - باب التعوذ من شر ما عمل، ومن شر ما لم يعمل
٦٥ - (٢٧١٦) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَإِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ (وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى) قَالَا: أَخْبَرَنا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ، عن هلال، عن فروة بن نوفل الأشجعي. قال:
سألت عائشة عما كان رسول الله ﷺ يدعو به الله. قالت: كان يقول «اللهم! إني أعوذ بك من شر ما عملت، ومن شر ما لم أعمل».

٦٥ - م - (٢٧١٦) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ حصين، عن هلال، عن فروة بن نوفل، قال:
سألت عائشة عن دعاء كان يدعو به رسول الله ﷺ. فقالت: كان يقول «اللهم! إني أعوذ بك من شر ما عملت، وشر ما لم أعمل».

٦٥ - م ٢ - (٢٧١٦) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالَا: حدثنا ابن أبي عدي. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ. حدثنا مُحَمَّدٌ (يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ). كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، عن حصين، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ محمد بن جعفر «ومن شر ما لم أعمل».

٦٦ - (٢٧١٦) وحدثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ. حدثنا وَكِيعٌ عَنْ الأوزاعي، عن عبدة بن أبي لبابة، عن هلال بن يساف، عن فروة بن نوفل، عن عائشة؛
أن النبي ﷺ كان يقول في دعائه «اللهم! إني أعوذ بك من شر ما عملت، وشر ما لم أعمل».

٦٧ - (٢٧١٧) حدثني حجاج بن الشاعر. حدثنا عبد الله بن عمرو، أبو معمر. حدثنا عبد الوارث. حدثنا الحسين. حدثني ابن بريدة عن يحيى بن يعمر، عن ابن عباس؛
أن رسول الله ﷺ كان يقول «اللَّهُمَّ! لَكَ أَسْلَمْتُ. وَبِكَ آمَنْتُ. وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ. وإليك أنبت. وبك خاصمت. اللهم! إني أعوذ بعزتك، لا إله إلا أنت، أن تضلني. أنت الحي الذي لا يموت. والجن والإنس يموتون».


(لك أسلمت وبك آمنت) معناه: لك انقدت وبك صدقت. وفيه إشارة إلى الفرق بين الإيمان والإسلام. (وعليك توكلت) أي فوضت أمري إليك. (وإليك أنبت) أي أقبلت بهمتي وطاعتي وأعرضت عما سواك. (وبك خاصمت) أي بك أحتج وأدافع وأقاتل.

٦٨ - (٢٧١٨) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وهب. أخبرني سليمان بن بلال عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن أبي هريرة؛
أن النبي ﷺ كان، إذا كان في سفر وأسحر، يقول «سمع سامع بحمد الله وحسن بلائه علينا. ربنا صاحبنا وأفضل علينا. عائذا بالله من النار».


(وأسحر) معناه: قام في السحر وركب فيه. أو انتهى في سيره إلى السحر، وهو آخر الليل. (سمع سامع) روي بوجهين. أحدهما فتح الميم، من سمع، وتشديدها والثاني كسرها مع تخفيفها. واختار القاضي هنا، وفي المشارق، وصاحب المطالع، التشديد. وأشار إلى أنه رواية أكثر رواة مسلم. قالا: ومعناه بلغ سامع قولي هذا لغيره. وضبطه الخطابي وآخرون بالكسر والتخفيف. قال الخطابي: ومعناه شهد شاهد. قال وهو أمر بلفظ الخبر. وحقيقته ليسمع السامع وليشهد الشاهد على حمدنا لله تعالى على نعمه وحسن بلائه. (ربنا صاحبنا وأفضل علينا) أي احفظنا وحطنا واكلأنا وأفضل علينا بجزيل نعمك، واصرف عنا كل مكروه. (عائذا بالله من النار) منصوب على الحال. أي أقول هذا في حال استعاذتي واستجارتي بالله من النار.

٧٠ - (٢٧١٩) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أنه كان يدعو بهذا الدعاء «اللهم! اغفر لي خطيئتي وجهلي. وإسرافي في أمري. وما أنت أعلم به مني. اللهم! اغفر لي جدي وهزلي. وخطئي وعمدي. وكل ذلك عندي. اللَّهُمَّ! اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ. وما أسررت وما أعلنت. وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي. أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وأنت المؤخر. وأنت على كل شيء قدير».


(أنت المقدم وأنت المؤخر) يقدم من يشاء من خلقه إلى رحمته بتوفيقه. ويؤخر من يشاء عن ذلك لخذلانه.

٧٠ - م - (٢٧١٩) وحدثناه محمد بن بشار. حدثنا عبد الملك بن الصباح المسمعي. حدثنا شعبة، في هذا الإسناد.

٧١ - (٢٧٢٠) حدثنا إبراهيم بن دينار. حدثنا أبو قطن، عمرو بن الهيثم القطعي، عن عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سلمة الماجشون، عن قدامة بن موسى، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قال:
كان رسول الله ﷺ يقول «اللهم! أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري. وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي. وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي. واجعل الحياة زيادة لي في كل خير. واجعل الموت راحة لي من كل شر».

٧٢ - (٢٧٢١) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عَنْ أَبِى إِسْحَاق، عَنْ أَبِى الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ،
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أنه كان يقول «اللهم! إني أسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى».


(العفاف) العفاف والعفة هو التنزه عما لا يباح، والكف عنه. (الغنى) الغنى، هنا، غنى النفس والاستغناء عن الناس، وعما في أيديهم.

٧٢ - م - (٢٧٢١) وحدثنا ابن المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، بهذا الإسناد، مثله. غير أن ابن المثنى قال في روايته «والعفة».

٧٣ - (٢٧٢٢) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نمير - وَاللَّفْظُ لِابْنِ نُمَيْرٍ - (قَالَ إِسْحَاق: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الآخران: حدثنا) أبو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحارث؛ وعن أبي عثمان النهدي، عن زيد بن أرقم. قال:
لا أقول لكم إلا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يقول: كان يقول «اللهم! إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرم وعذاب القبر. اللهم! آت نفسي تقواها. وزكها أنت خير من زكاها. أنت وليها ومولاها. اللهم! إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها».


(زكها) أي طهرها. (خير) لفظة خير ليست للتفضيل. بل معناها: لا مزكي لها إلا أنت. كما قال «أنت وليها». (ومن نفس لا تشبع) معناه استعاذة من الحرص والطمع والشره، وتعلق النفس بالآمال البعيدة. هذا الحديث، وغيره من الأدعية المسجوعة، دليل لما قاله العلماء: إن السجع المذموم في الدعاء هو المتكلف. فإنه يذهب الخشوع والخضوع والإخلاص، ويلهي عن الضراعة والافتقار وفراغ القلب. فأما ما حصل بلا تكلف ولا إعمال فكر لكمال الفصاحة ونحو ذلك، أو كان محفوظا، فلا بأس به، بل هو حسن.

٧٤ - (٢٧٢٣) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بن زياد عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سويد النخعي. حدثنا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ. قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذا أمسى قال «أمسينا وأمسى الملك لله. والحمد لله. لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له».
قال الحسن: فحدثني الزبيد أنه حفظ عن إبراهيم في هذا «لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شيء قدير. اللهم! أسألك خير هذه الليلة. وأعوذ بك من شر هذه الليلة. وشر ما بعدها. اللهم! إني أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر. اللهم! إني أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر».


(الكبر) قال القاضي: رويناه: الكبر، بإسكان الباء وفتحها. فالإسكان بمعنى التعاظم على الناس. والفتح بمعنى الهرم والخرف والرد إلى أرذل العمر، كما في الحديث الآخر. قال القاضي: وهذا أظهر وأشبه بما قبله. قال: وبالفتح ذكره الهروي. وبالوجهين ذكره الخطابي، وصوب الفتح. ويعضده رواية النسائي: وسوء العمر.

٧٥ - (٢٧٢٣) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عن الحسن بن عبيد الله، عن إبراهيم بن سويد، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الله قَالَ:
كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ إذا أمسى قال «أمسينا وأمسى الملك لله. والحمد لله. لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له». قال: أراه قال فيهن «لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شيء قدير. رب! أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها. وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها. رب! أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر. رب! أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر». وإذا أصبح قال ذلك أيضا «أصبحنا وأصبح الملك لله».

٧٦ - (٢٧٢٣) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا حسين بن علي عن زائدة، عن الحسن بن عبيد الله، عن إبراهيم بن سويد، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذا أمسى قال «أمسينا وأمسى الملك لله. والحمد لله. لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ. لَا شَرِيكَ له. اللهم! إني أسألك من خير هذه الليلة وخير ما فيها. وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا. اللهم! إني أعوذ بك من الكسل والهرم وسوء الكبر. وفتنة الدنيا وعذاب القبر».
قال الحسن بن عبيد الله: وزادني فيه زبيد عن إبراهيم بن سويد، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الله، رفعه؛ أنه قَالَ «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ على كل شيء قدير».

٧٧ - (٢٧٢٤) حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا ليث عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة؛
أن رسول الله ﷺ كان يقول «لا إله إلا الله وحده. أعز جنده. ونصر عبده. وغلب الأحزاب وحده. فلا شيء بعده».


(وغلب الأحزاب وحده) أي قبائل الكفار، المتحزبين عليه. وحده. أي من غير قتال الآدميين. بل أرسل عليهم ريحا وجنودا لم تروها. (فلا شيء بعده) أي سواه.

٧٨ - (٢٧٢٥) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ. حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ قال: سَمِعْتُ عَاصِمَ بْنَ كُلَيْبٍ عن أبي بردة، عن علي، قَالَ:
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «قل: اللهم! اهدني وسددني. واذكر، بالهدى، هدايتك الطريق. والسداد، سداد السهم».


(سددني) أي وفقني واجعلني مصيبا في جميع أموري، مستقيما. واصل السداد الاستقامة والقصد في الأمور. وسداد السهم تقويمه. (بالهدى) الهدى، هنا، هو الرشاد. ويذكر ويؤنث. ومعنى «اذكر بالهدى هدايتك الطريق والسداد، سداد السهم» أي تذكر ذلك في حال دعائك بهذين اللفظين. لأن هادي الطريق لا يزيغ عنه، ومسدد السهم يحرص على تقويمه ولا يستقيم رميه حتى يقومه. وكذا الداعي ينبغي أن يحرص على تسديد عمله وتقويمه ولزومه السنة. وقيل: ليتذكر بهذا لفظ السداد والهدى، لئلا ينساه.

١٩ - باب التسبيح أول النهار وعند النوم
٧٩ - (٢٧٢٦) حدثنا قتيبة بن سعيد وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ (وَاللَّفْظُ لِابْنِ أبي عمر). قالوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ ابْنِ عباس، عن جويرية؛
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَرَجَ من عندها بكرة حين صلى الصبح، وهي في مسجدها. ثم رجع بعد أن أضحى، وهي جالسة. فقال «ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟» قالت: نعم. قال النبي ﷺ «لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات. لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته».


(في مسجدها) أي موضع صلاتها. (مداد) بكسر الميم. قيل معناه مثلها في العدد. وقيل: مثلها في أنها لا تنفذ. وقيل: في الثواب. والمداد، هنا، مصدر بمعنى المدد وهو ما كثرت به الشيء. قال العلماء: واستعماله، هنا، مجاز. لأن كلمات الله تعالى لا تحصر بعد ولا غيره. والمراد المبالغة به في الكثرة.

٧٩ - م - (٢٧٢٦) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وإسحاق عن محمد بن بشر عن مسعر، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي رشدين، عن ابن عباس، عن جويرية قالت:
مر بها رسول الله ﷺ حين صلى صلاة الغداة، أو بعدما صلى الغداة. فذكر نحوه. غير أنه قال «سبحان الله عدد خلقه. سبحان الله رضا نفسه. سبحان الله زنة عرشه. سبحان الله مداد كلماته».

٨٠ - (٢٧٢٧) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ (واللفظ لابن المثنى) قالا: حدثنا محمد بن جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ. قَالَ: سَمِعْتُ ابن أبي ليلى. حدثنا علي؛
أن فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى في يدها. وأتى النبي ﷺ سبي. فانطلقت فلم تجده. ولقيت عائشة. فأخبرتها. فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ ﷺ، أخبرته عائشة بمجيء فاطمة إليها. فجاء النبي ﷺ إلينا. وقد أخذنا مضاجعنا. فذهبنا نقوم. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «عَلَى مكانكما» فقعد بيننا حتى وجدت برد قدمه على صدري. ثم قال «ألا أعلمكما خيرا مما سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما، أن تكبرا الله أربعا وثلاثين. وتسبحاه ثلاثا وثلاثين. وتحمداه ثلاثا وثلاثين. فهو خير لكما من خادم».


(برد قدمه) كذا هو في نسخ مسلم: قدمه، مفردة. وفي البخاري: قدميه، بالتثنية، وهي زيادة ثقة لا تخالف الأولى.

٨٠ - م - (٢٧٢٧) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وَكِيعٌ. ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عدي. كلهم عن شعبة، بهذا الإسناد. وفي حديث معاذ «أخذتما مضجعكما من الليل».

٨٠ - م ٢ - (٢٧٢٧) وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عن علي بن أبي طالب. ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نمير وعبيد بن يعيش عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عن عطاء بن أبي رباح، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، عن عَلِيٍّ،

٢٠٩٢
عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. بنحو حديث الحكم عن ابن أبي ليلى. وزاد في الحديث: قال علي: ما تركته منذ سمعته من النَّبِيَّ ﷺ. قِيلَ لَهُ: ولا ليلة صفين؟ قال: ولا ليلة صفين.
وفي حديث عطاء عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، قال: قلت له: ولا ليلة صفين؟


(ولا ليلة صفين) معناه. لم يمنعني منهن ذلك الأمر والشغل الذي كنت فيه وليلة صفين هي ليلة الحرب المعروفة بصفين. وهو موضع بقرب الفرات، كانت فيه حرب عظيمة بينه وبين أهل الشام.

٨١ - (٢٧٢٨) حدثني أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ الْعَيْشِيُّ. حَدَّثَنَا يَزِيدُ (يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ). حَدَّثَنَا رَوْحٌ (وَهُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ) عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
أن فَاطِمَةُ أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ تسأله خادما. وشكت العمل. فقال «ما ألفيتيه عندنا» قال «ألا أدلك على ما هو خير لك من خادم؟ تسبحين ثلاثا وثلاثين. وتحمدين ثلاثا وثلاثين. وتكبرين أربعا وثلاثين. حين تأخذين مضجعك».

٨١ - م - (٢٧٢٨) وحدثنيه أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ. حَدَّثَنَا حَبَّانُ. حَدَّثَنَا وهيب. حدثنا سهيل، بهذا الإسناد.

٢٠ - باب استحباب الدعاء عند صياح الديك
٨٢ - (٢٧٢٩) حدثني قتيبة بن سعيد. حدثنا ليث بن جعفر بن ربيعة، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ «إِذَا سَمِعْتُمُ صياح الديكة، فاسألوا الله من فضله. فإنها رأت ملكا. وإذا سمعتم نهيق الحمار، فتعوذوا بالله من الشيطان. فإنها رأت شيطانا».

٢١ - باب دعاء الكرب
٨٣ - (٢٧٣٠) حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار وعبيد الله بن سعيد (واللفظ لابن سعيد). قالوا: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قتادة، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛
أَنَّ نبي الله ﷺ

٢٠٩٣
كان يقول عند الكرب «لا إله إلا الله العظيم الحليم. لا إله إلا الله رب العرش العظيم. لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم».


(دعاء الكرب) هذا حديث جليل ينبغي الاعتناء به والإكثار منه عند الكرب والأمور العظيمة. قال الطبري: كان السلف يدعون به ويسمونه دعاء الكرب.

٨٣ - م - (٢٧٣٠) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وكيع عن هشام، بهذا الإسناد. وحديث معاذ بن هشام أتم.

٨٣ - م ٢ - (٢٧٣٠) وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عن قتادة؛ أن أبا العالية الرياحي حدثهم عن ابن عباس؛
أن رسول الله ﷺ كان يدعو بهن ويقولهن عند الكرب. فذكر بمثل حديث معاذ بن هشام عن أبيه، عن قتادة. غير أنه قال «رب السماوات والأرض».

٨٣ - م ٣ - (٢٧٣٠) وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا حماد بن سلمة. أخبرني يوسف بن عبد الله بن الحارث عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ، إِذَا حزبه أمر، قال. فذكر بمثل حديث معاذ عن أبيه. وزاد معهن «لا إله إلا رب العرش الكريم».


(حزبه) أي نابه وألم به أمر شديد.

٢٢ - باب فضل سبحان الله وبحمده
٨٤ - (٢٧٣١) حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ. حدثنا وهيب. حدثنا سعيد الجريري عن أبي عبد الله الجسري، عن ابن الصامت، عَنْ أَبِي ذَرٍّ؛
أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سئل: أي الكلام أفضل؟ قال «ما اصطفى الله لملائكته أو لعباده: سبحان الله وبحمده».

٨٥ - (٢٧٣١) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ عَنْ شُعْبَةَ، عن الجريري، عن أبي عبد الله الجسري، من عنزة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ

٢٠٩٤
«ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله؟» قلت: يا رسول الله! أخبرني بأحب الكلام إلى الله. فقال «إن أحب الكلام إلى الله، سبحان الله وبحمده».

٢٣ - باب فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب
٨٦ - (٢٧٣٢) حدثني أحمد بن عمر بن حفص الوكيعي. حدثنا محمد بن فضيل. حدثنا أبي عن طلحة بن عبيد الله بن كريز، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، قال:
قال رسول الله ﷺ «ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب، إلا قال الملك: ولك، بمثل».


(بظهر الغيب) معناه: في غيبة المدعو له وفي سره، لأنه أبلغ في الإخلاص.

٨٧ - (٢٧٣٢) حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ. حدثنا موسى بن سروان المعلم. حدثني طلحة بن عبيد الله بن كريز. قال: حدثتني أم الدرداء، قالت: حدثني سيدي؛
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول «من دعا لأخيه بظهر الغيب، قال الملك الموكل به: أمين. ولك بمثل».


(حدثني سيدي) تعني زوجها، أبا الدرداء.

٨٨ - (٢٧٣٣) حدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا عيس بْنُ يُونُسَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ أبي الزبير، عن صفوان (وهو ابن عبد الله بن صفوان) وكانت تحته الدرداء. قال:
قدمت الشام. فأتيت أبا الدرداء في منزله فلم أجده. ووجدت أم الدرداء. فقالت: أتريد الحج، العام؟ فقلت: نعم. قالت: فادع الله لنا بخير. فإن النبي ﷺ كان يقول «دعوة المسلم لأخيه، بظهر الغيب، مستجابة. عند رأسه ملك موكل. كلما دعا لأخيه بخير، قال الملك الموكل به: آمين. ولك بمثل».

(٢٧٣٢) - قال: فخرجت إلى السوق فلقيت أبا الدرداء. فقال لي مثل ذلك. يَرْوِيهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.

٨٨ - م - (٢٧٣٣) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا يزيد بن هارون عن عبد الملك بن أبي سليمان، بهذا الإسناد، مثله. وقال: عن صفوان بن عبد الله بن صفوان.

٢٤ - باب استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب
٨٩ - (٢٧٣٤) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ نمير (واللفظ لابن نمير). قالا: حدثنا أبو أسامة ومحمد بن بشر عن زكرياء بن أبي زائدة، عن سعيد بن أبي بردة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِنَّ اللَّهَ ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها. أو يشرب الشربة فيحمده عليها».


(الأكلة) الأكلة، هنا، بفتح الهمزة وهي المرة الواحدة من الأكل. كالغداء والعشاء.

٨٩ - م - (٢٧٣٤) وحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْنُ يوسف الأزرق. حدثنا زكرياء، بهذا الإسناد.

٢٥ - باب بيان أنه يستجاب للداعي ما لم يعجل فيقول: دعوت فلم يستجب لي
٩٠ - (٢٧٣٥) حدثنا يحيى بن يحيى. قال: قرأت على مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مولى ابن مزهر، عن أبي هريرة؛
أن رسول الله ﷺ قال «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل فيقول: قد دعوت فلا، أو فلم يستجب لي».

٩١ - (٢٧٣٥) حدثني عبد الملك بن شعيب بن ليث. حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي. حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنِي أبو عبيد، مولى عبد الرحمن بن عوف. وكان من القراء وأهل الفقه. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ الله ﷺ «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، فيقول: قد دعوت ربي فلم يستجب لي».

٩٢ - (٢٧٣٥) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي معاوية (وهو ابن صَالِحٍ) عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إدريس الخولاني، عن أبي هريرة،
عن النبي ﷺ؛ أنه قال «لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. ما لم يستعجل». قيل: يا رسول الله! ما الاستعجال؟ قال «يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أر يستجيب لي. فيستحسر عند ذلك، ويدع الدعاء».


(فيستحسر) قال أهل اللغة: يقال: حسر واستحسر، إذا أعيا وانقطع عن الشيء. والمراد، هنا، أنه ينقطع عن الدعاء. ومنه قوله تعالى: لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون، أي لا ينقطعون عنها.

 


معزّ نوني
معزّ نوني
المؤهلات العلمية: متحصّل على شهادة ختم الدروس لتكوين المعلّمين بقفصة لسنة 2000 المهنة: أستاذ مدارس ابتدائية
تعليقات